السعوديون إلى أبو ظبي.. سينمائيا

كثافة في المشاركة وتطور في المستوى.. والجميع يترقب النتيجة

02 / 02 / 2007

فهد الأسطاء

في الثامن عشر من شهر يناير (كانون الثاني) المنصرم كانت «مسابقة أفلام من الامارات» في أبو ظبي قد بلغت الموعد النهائي المعلن عنه في قبول الاعمال المشاركة في الدورة السادسة لهذا العام، التي ستعقد من السابع حتى الثالث عشر من مارس (آذار) القادم. ولنتذكر أولا ان هذه المسابقة اصبحت الفعالية الأولى خليجيا التي تعتني بإبداعات الشباب السينمائي وعرض تجاربهم وخاصة بعد افتتاح فرع «المسابقة الخليجية» في الدورة الماضية من اجل تلك الافلام المشاركة من خارج الامارات بعد ان كانت تكتفي هذه الافلام بالعروض الجانبية على هامش المشاركة، ثم تلك الجوائز المشجعة والتي تتجاوز حتى جائزة مسابقة فرع الافلام الاماراتية ذاتها وذلك في جميع الفروع «الروائية (عام وطلبة)، التسجيلية (عام وطلبة)». وهي بالتأكيد أفضل ما يمكن أن يحصل عليه حاليا مخرج شاب وطموح يخطو خطواته الاولى في صناعة الفيلم ويطمع بالاحتفاء والتشجيع. وبنظرة، الى فرع المسابقة الخليجية سنجد أن السعوديين يواصلون حضورهم الجيد في هذه المسابقة ويسجلون الصوت الاعلى بعد الشباب الاماراتي الذي يتبنى هذه الفعالية الهامة. (هناك خمسة عشر فلما تشارك من السعودية ما بين روائي وتسجيلي وتحريك من مجموع الافلام الثمانية والأربعين المشاركة في فرع المسابقة الخليجية).

في الدورة الماضية تجاوزت الافلام السعودية المشاركة عشرة أفلام وحققت نجاحا جيدا بفوز فلم المخرجة هيفاء المنصور «نساء بلا ظل» بجائزة افضل فلم تسجيلي في فرع المسابقة الخليجية اضافة لشهادتي تقدير نالها المخرج محمد بازيد عن فلمه «القطعة الاخيرة» وخالد الدخيل عن فيلمه الرسومي «سدا». أما في هذه الدورة القادمة فحجم المشاركة لم يقل او يضعف في اشارة الى ذلك الاصرار والحماس الذي يعيشه الشباب السينمائي السعودي في ابراز مواهبهم وطرح تجاربهم بجرأة أمام الجميع، عدد من الاسماء الجديدة والشيء الأهم هو التطور الفني لمستوى هذه المشاركة بحسب الافلام الروائية المشاركة التي شاهدتها حتى الان مما يبشر بمستقبل أفضل للسعوديين على هذا المستوى.

لدينا في هذه المسابقة من الافلام السعودية خمسة عشر فيلما) فلمان في قسم التحريك (رسومي) حيث يشارك خالد الدخيل مرة اخرى بفيلم «فوائد القطط «بفيلم رسومي طريف مدته سبع دقائق عما يمكن ان تفعله هذه القطط لمقتنيها، بينما تشارك فرح ابراهيم عارف التي كانت نجمة تلفزيونية سابقة في عالم الاطفال بفيلم رسومي آخر مدته خمس عشرة دقيقة اسمه «عودة الماضي» عن قصة فتاة تتوظف في شركة سبق لوالدها المتوفي ان عمل بها لتبدأ رحلة البحث عن طبيعة عمل والدها والسر الغامض وراء وفاته.

وفي الجانب التسجيلي هناك اربعة أفلام، إذ يشارك توفيق الزايدي بفيلمه الاول «الجريمة المركبة» الذي يسرد فيه وقائع مخيفة ولقاءات حول ظاهرة «التفحيط» المقلقة اجتماعيا، بينما يشارك سمير عارف – الذي يشارك ايضا بفيلم روائي آخر – بفيلمه الذي يوثق فيه في اثنتين وعشرين دقيقة بطولة جدة لكرة القدم ضمن فعاليات في مهرجان صيف جدة العام الماضي. ثم هناك ممدوح سالم وفلمه «ليلة البدر»، وهو يرصد عادات وتقاليد الفرح في منطقة الحجار في مختلف المناسبات، وأثرها على جيل الشباب. وأخيراً يقدم الشاب فيصل شديد العتيبي في أكثر من اربعين دقيقة تعريفه التسجيلي بمنطقة العلا الواقعة شمال غربي السعودية الغنية بآثارها التاريخية كمدائن صالح، وتفرد هذه المنطقة بتكوينها الجغرافي وطبيعتها الجبلية وذلك في فيلمه «عروس الآثار والجبال».

أما الفرع الابرز والاكثر مشاركة فهو فرع الافلام الروائية بتسعة أفلام يتقدمها فيلم «طفلة السماء». علي الأمير، هو المخرج الاكثر تجربة بين المشاركين، وخاصة في هذا الفيلم، الذي بلغ فيه المستوى الافضل فنيا والأكثر نضجا في مسيرة تجاربه السينمائية، وقدم العديد من الصور السينمائية الجميلة. الفيلم يفصح عن خطورة مشكلة العنف الاسري من خلال قصة طفلة بائسة وهي تسجل مذكراتها المؤثرة حول علاقتها بأبيها ومقتل والدتها. ثم يجيء فيلم «إطار» للمخرج عبد الله العياف الذي كان قد نال شرف المشاركة في الدورة الماضية بفيلمه التسجيلي «السينما 500 كم»، الذي حضي بتقدير واحتفاء جيد في مهرجانات لاحقة كما في مهرجان بينالي السينما الفرنسية. وهنا يطرح العياف تجربته الروائية الاولى عبر سرد نفسي لا يخلو من غموض حول رجل مرتبط بذكرياته بطريقة قسرية تجعله لا يستطيع تجاوزها ليعيش حياته. أما بالنسبة لسمير عارف فهي المشاركة الثانية له في هذه المسابقة بفيلمه الروائي «طريقة صعبة «، بإخراج وتحرير جميل يتجاوز تجارب الهواة من خلال قصة نفسية هي الاخرى لا تخلو من لحظات الاثارة عن قصة رجل يعيش اسير لحظات مقتل عائلته في حادث سيارة ويندفع لتحقيق ما يراه صوابا. وفي مشاركة هي الاولى له، يقدم الشاب عبد العزيز النجيم فيلمه «تمرد» بصورة شعرية ورؤى فلسفية من خلال طفل يتجاوز عمره ليغرس بصورة رمزية أعمدة الخشب في الصحراء. ومن التجارب الجديدة والمشاركات الاولى ايضا ما يقدمه الشاب بدر الحمود في فلمه «حمامة حرب» في قصة انسانية تنتزع جندياً مقاتلاً من أتون الحرب ليروي بأسى وألم ذكريات الحياة الجميلة التي افسدتها هذه الحرب. كما يشارك وللمرة الثانية المخرج مشعل العنزي الذي كان قد شارك سابقا على هامش المسابقة بفيلمه الاجتماعي «تاكسي» بينما هنا يتجه نحو فكرة التآمر ورفض الواقع السياسي بفيلمه الرمزي «الديمقراطية». وفي مشاركة هي الاولى ايضا يقدم عمر عبدالعزيز الربيع قضية زواج المسيار الشائع في الخليج والسعودية خاصة واثره على المرأة نفسيا من خلال فلمه «مسيار»، بينما يقدم نواف المهنا فيلمه القصير الاول ايضا «مجرد يوم». وبمشاركة اولى كذلك يخوض الشاب نايف بدر تجربته الجريئة بفيلمه التجريبي «بعيدا عن انظار الكاميرا» في فيلم يرمز الى ان المعاناة يمر بها الشاب قد لا تعكس الواقع الحقيقي لمعاناة الناس.